“art” = "فن"؟

مشاكل التوازي بين لغتين (ثقافتين) في المعاجم الثنائية اللغة

 

ينطلق هذا البحث من أكثر من محور مقترح في محاور المؤتمر، مثل : "علاقة المعاجم بالتطورات الحديثة"، و"واقع ومستقبل المعاجم العربية" و"القواميس ونقدها". ويتوخى البحث، ابتداء من هذه المحاور، فحصَ علاقة التوازي التي يقوم عليها بناء المعجم الثنائي اللغة بين العربية وغيرها، على أن يكتفي الفحص بجزء من الألفاظ الاصطلاحية، بل بلفظ اصطلاحي واحد وفق السؤال التالي : هل يوازي لفظ (art) في لغات أوروبية مختلفة لفظ "فن" في العربية؟ هل تتناسب تعريفاتهما في المعاجم المعنية بالدرس؟

اختار الباحث لهذا الغرض مدونة تتألف من سبعة معاجم ثنائية (وأحياناً ثلاثية) اللغة بين العربية ولغات أوروبية مختلفة (اللاتينية والإيطالية والفرنسية والإسبانية) : ظهرت هذه المعاجم في مدن أوروبية مختلفة بين العام 1632 والعام 1829، وتعود إلى أوائل المعجميين الأوروبيين في نطاق العربية (1)، وتكفلَ بالمعجم الأخير فيها أحد الدارسين المصريين : الياس بقطر (2)؛ ورجع الباحث إلى هذه المعاجم في محفوظات "المكتبة الوطنية الفرنسية"، بعد أن باتت خارج التداول.

اختار الباحث، في العينة الدراسية، ثلاثة من هذه المعاجم السبعة، هي : "بناء اللغة العربية والفرنجيتين العاميتين في الإيطالية واللاطينية" (من تأليف عبد الأحد النمساوي، معلم اللسان العربي برومية، 1639)، و: "كتاب ترجمان اسبنيولي ولاطيني وعربي" (من تأليف فرنشيسكو كانيس، مدريد، 1787)، و: "القاموس الفرنسي–العربي" (وضعه : الياس بقطر، وزاد عليه وراجعه : أ. كوسان دو برسفال، باريس، 1821). ولكن لماذا العودة إلى معاجم أوروبية معنية بالعربية؟

وجب القول، بداية، إن ما يطلبه البحث يتعين في نطاق الدراسات المعجمية، وفق مقاربة لسانية وترجمية، مشفوعة بمعاينات وتحليلات تاريخية-اجتماعية. ويقوم البحث على فرضية يسعى إلى التحقق منها، وهي حصول "افتراق" في "حياة" الألفاظ العربية ابتداء من المعاجم المذكورة؛ بل هو أكثر من "افتراق"، إذ عنى "تحميلَ" ألفاظٍ عربية معاني ودلالات وفق مقتضيات الخطاب الأوروبي وجداوله المعجمية. ولكن هل بقي هذا "الافتراق" محصوراً في معاجم أوروبية المنشإ أم انتقل إلى المعاجم العربية بعدها؟

لهذا الغرض يميز البحث، في التوازي، بين أربعة أشكال (على الأقل) : "التطابق"، ويعني التوافق بين لفظين متوازيين في اللغتين (synonymie)؛ و"الترادف"، ويعني صحة التوازي بين لفظين في اللغتين (équivalence)؛ و"التقابل"، ويعني الترادف التقريبي بين لفظين في اللغتين (correspondance)؛ و"التواسط"، ويعني الترادف المتباين بين لفظين في اللغتين على الرغم من التوسط بينهما (médiation).

تقوم خطة البحث وفق حركتين : الحركة الأولى تقضي بفحص علاقات التوازي التي أقامتها هذه المعاجم في مجال التعريف بألفاظ اصطلاحية بعينها، ولا سيما بين لفظ (art) ومتعلقاته المعجمية والدلالية ولفظ "الفن" ومتعلقاته المعجمية والدلالية؛ ثم تقوم الحركة الثانية بفحص ما إذا كان لحاصل العمل المعجمي المذكور (في الحركة الأولى) أثرُه في مجهودات المعجميين العرب والمعاجم العربية المتأخرة والسارية، ولا سيما في "المعجم الوسيط". فما يمكن القول؟

 

    بين "المَشْيَخَة" و"الجمهورية"

ماذا لو ينتقل الباحث إلى أكثر من بيت ومنتدى وصفٍّ، في غير بيئة عربية، طارحاً السؤال الآتي : ما معنى لفظ "فن"؟ ما يناسبه في اللغة الفرنسية أو الإنكليزية أو الإيطالية أو الإسبانية وغيرها؟ ماذا لو يطرح السؤال عينه ولكن بطريقة عكسية : ما معنى لفظ (art)، وما يناسبه في اللغة العربية؟

لن يقع الباحث، في تنقلاته هذه، وأياً كانت صيغة السؤال، على اختلافات في أجوبة المستَفْتِين، إذ سيُجمعون – باختصار – على أن التوازي قائم بين اللفظين : فن = art. ولو انتقل الباحث من جديد إلى عدد من الكتب والدراسات والمقالات بالعربية، ضمن السعي نفسه، لوجد التوازي عينه... لكن الباحث قد لا يعرف الأجوبة نفسها لو انتقل من جديد إلى متن عربي قديم. ماذا جرى؟ أتكون لهذا اللفظ "حياة" مختلفة، متبدلة، بل متقلبة، لو جاز القول؟ أهذا يعني إضافة معنى جديد في بنود المدخل المعجمي من دون أن يُخلَّ به؟ ما دواعي ذلك؟ كيف حصلت العملية في اللغة وخارجها؟

إن الجواب عن هذه الأسئلة المختلفة، أي البحث فيها، لم يكن ممكناً إلا بعد "جولة" لم تكن محددة سلفاً، ولا بينة المسار، بل كانت أقرب إلى عملية تفتيش وتحرٍّ واستقصاء، قبل أن تصبح عملية تفقدية وفحصية، مناسبة للبحث بالتالي. هذا المسار لا يمكن استعادته كما جرى، لما أصابه من تخبط وتعثر وارتدادات وتصويبات؛ ما يمكن القيام به – وقد توصل البحث إلى خلاصاته – هو إعادة رسم مساره في سبيل للعرض، في وقفات، تتوخى الإبانة والشرح والتحليل. 

أقتطعُ، لمباشرة البحث، مجموعة ألفاظ معجمية في حقل السياسة من معجم بقطر (ودو برسفال) :

Démocrate    :    S. m  attaché au gouvernement populaire  تابع لحكم الجمهور       

Démocratie   :  S. f.  gouvernement populaire            قيام الجمهور بالحكم             

Démocratique  :   adj. com.             يخص حكم الجمهور                                   

Démocratiquement    :  adv.     (T 1, p 248). 

Parlement        :  S. m., assemblée des grands de l’état pour juger une affaire considérable      ديوان أعيان الدولة                                                              

Parlement       :  Cour supérieure de juges qui existait autrefois en France 

                                                                 ديوان قضاة فرنسا  (T. 2, P. 128).                                                 

Républicain, e    :  adj., qui appartient à la république,

Républicain       :  S., qui est attaché à la république, aux opinions républicaines.

 يحب المشيخة، تابع لحكم الجمهور.

République       :  S. f., état gouverné par plusieurs. (T 2, P. 269).

لن يتوقف الدرس طويلاً أمام هذه العينة المقتضبة، مكتفياً بعدد من الملاحظات وحسب. من الطريف ملاحظة الجمع، في متن الشروحات، بين "الجمهور" و"المشيخة"، أي بين أساسَين سياسيين مختلفين : الأساس الانتخابي في النظام الجمهوري، والأساس الولائي في نظام المشيخة. كما يمكن أيضاً ملاحظة استعمال النسق "الولائي" في عدد من المعاني والدلالات العربية الواردة، مثل : المشيخة والأعيان والأمراء، وهو ما لا "تحمله" الألفاظ الفرنسية المذكورة في تعريفاتها (3).

ماذا لو يتمُّ التوقف، في عينة أخرى، عند ألفاظ معجمية تشير إلى إنتاجات وأنواع ثقافية فرنسية (وأوروبية) لم تعرفها (حينها) البيئات العربية، مثل المسرح تحديداً :

Théâtre       :  S. m., lieu où l’on représente les pièces dramatiques, etc.,        

  (T. 2, P. 372). ملاعب ; pl ,ملعب          

Tragédie        :  S. f., poème dramatique,                     

لعب تقليد بكلام منظوم وفيه يذكر بعض الحوادث العظام

(T. 2, P. 372).

اختار بقطر (ودو برسفال)، في الألفاظ السياسية أعلاه، التوسط أو التقريب، إذا جاز القول، بين تجربتين متخالفتين تماماً في السياسة والاجتماع، من دون أن يكون التقريب مناسباً. أهو وهمُ التطابق؟ لا، من دون شك، إذ كان واضع المعجم يدرك بالضرورة الخلاف بين النظامَين المذكورين (وهو قد عاش في هذين النظامين بين مصر وفرنسا). أهو ضعف الملكة المعجمية و/أو ضعف الملكة الترجمية؟

هذا ما يواجهه المعجمي، وإن بنسبة أقل، عندما يطلب التعريف باللفظ الفرنسي (théâtre)، غير المعروف (في ذلك الحين) بدوره في البيئات العربية : اختار بقطر (ودو برسفال) لفظاً عربياً بنى عليه عملية التوازي، وهو: لَعِب، ما يظهر في الألفاظ الثلاثة : "لَعِب"، "مَلْعب" و"مَلاعِب". إلا أنه لم يكتفِ به، بل عوَّل على لفظ إضافي، هو : "تقليد"، لكي يشير إلى عملية المحاكاة، التي تقوم عليها العملية المسرحية. كما عمد المعجمي إلى تحديد "النَّظم" صفة ملازمة لهذا النوع الأدبي؛ وأضاف إلىَ تعريفه كلاماً يفيد عن محتوى هذه الأعمال الأدبية، وهو أنها تتحدث، في حكايتها، عن "الحوادث العظام". لا يطلب الباحث، في هذا المجال، الحكمَ على الصياغة المقترحة، وإنما التحققَ من صواب التوازي الذي تقترحه؛ وهو توازٍ يحافظ، في هذا المثل، على معنى اللفظ الفرنسي، ولا يفسد الألفاظ والمعاني والدلالات التي يستعيرها له من العربية (4).

طلبَ الدارس التوقف السريع أمام الألفاظ المعجمية السابقة، ويخلص من درسها إلى مجموعة ملاحظات :

  • إن وضعَ أي قاموس ثنائي (أو ثلاثي) اللغة يقوم، في وضعيته المؤسِّسة له، على نسق بين لغة معينة - بحكم وضعية التوازي المطلوب - بوصفها "الأصل" المطلوب نقله، وبين لغة "متلقية" لا تعدو أن تكون "لغة-صيغة" يقوم بها المعجمي ويتدبرها؛ أي بين لغة تقترح مداخلها اللفظية (مثل حمولاتها في غالب الأحيان) على أنها "اللغة–الأصل"، وبين لغة موظَّفة لاستقبال غيرها في المقام الأول؛
  • إن الترادف ليس عملية هينة، ولا متاحة، بين لغتين (وأكثر)، ولا سيما حين تبغي اللغة "المستقبِلة" تلقي ما لا تعرفه في تجاربها، ما قد يعني أن إيجاد المرادفات قد لا يكون ممكناً في هذه الأحوال، فيما المتاح هو إيجاد "المقابلات" (أو "النظائر")، أو إيجاد "توسطات" وحسب بينهما؛
  • ينبني المعجم الثنائي (أو الثلاثي) اللغة على مقادير متباينة من الوضع (ما يصوغه المعجمي بنفسه)، أو من الترجمة (ما يترجمه المعجمي من اللغة التي ينطلق منها، و"يُنزله" في غيرها)، ما "يقرره" المعجمي بنفسه؛
  • إن عملية التوازي في المعجم الثنائي اللغة قد تساعد في مدِّ اللغة بمعان وحمولات غير معروفة فيها، مستقاة من اللغة (الثقافة) التي يسعى المعجمي لإيجاد مرادفات أو مقابلات لها، ما يُغني هذه اللغة وينميها؛
  • إن عملية التوازي لا تسلم من ضغوطات وتحديدات مشروطة تاريخياً ومعرفياً، ما لا يتيح تساوياً بالضرورة بين اللغتين (الثقافتين).

 

بين السحر والعمل والبصر

يطلب البحث، في وقفة ثانية، التوقف عند المدخل اللاتيني-الإيطالي-الفرنسي-الإسباني (ars – arte - art) حصراً، وما وازاه من ألفاظ وشروحات عربية في المعاجم الأوروبية الثلاثة المختارة. ماذا عن صحة التوازي في هذه الحالة؟

سيقوم الباحث، في هذه الوقفة، بقراءة مقارنة لمجموع التعريفات الفرنسية الخاصة بلفظ (ars – arte - art) في المعاجم الثلاثة المختارة، من جهة، ولمجموع التعريفات العربية المقترحة لها، من جهة ثانية، كما لو أن كلَّ مجموعٍ معجمي “نصٌّ في حد ذاته”، كما تقول اللسانية التأويلية. فماذا عن النص الفرنسي؟

يمكن الانتباه، في مجموع هذه التعريفات، إلى وجود بناء لغوي ذي اشتقاقات وفروع وتدرجات :

Art, art {mécanique}, artisan, {art} opposé à l’ouvrage de la nature.

إلا أننا سنتوقف عند أساس هذا البناء : Art.

إذا كان قاموس بقطر (ودو برسفال) لا يتأخر، في متن تعريفات غير مدخل لفظي، عن الحديث عن "صناعة" المعمار (أو عن "فنــ"ـه)، أو عن "صناعة التصوير"، فإنه لا يورد لفظ ("صناعة") عند تعريفه المدخل المعجمي (Art)، وإنما يورد هذين التعريفين وحسب :

-  تعريفٌ دالٌّ على (Art) بوصفه "مجموعة من القواعد الناظمة لإنتاج عمل ما"؛

-  تعريفٌ دالٌّ على (Art) بوصفه "حُسن معرفة" في إنتاج عمل ما.

لا نجد أي صعوبة في درس ما في هذين التعريفين من مقتضيات أملاها تبلور المعاني والدلالات في اللغة الفرنسية (وخارجها، أي في الجماعة). يكفي أن نعود إلى أي قاموس فرنسي تاريخي لكي نتحقق من وجود هذين التعريفين في سلسلة المعاني والدلالات المتعاقبة التي عرفها هذا اللفظ واشتقاقاته (5). إلا أننا سنقوم، بدل هذه العملية الجزئية، بتعقب "حياة" اللفظ : Art في كتاب فردينان برونو المذكور، متعرفين وفاحصين المعاني والدلالات التي عرفها حتى تاريخ وضع معجم بقطر (ودو برسفال). فماذا نرى؟

يفيد اللفظ، منذ العام 1080، وفق اللفظ اللاتيني (Ars)، عدة معان : السحر، والخبرة العملية، وعلوم السحر، والتنجيم. وهو التعريف الوارد في القاموس اللاتيني–الإيطالي–العربي، إذ يشير، في أول تعريف للفظ (Art)، على أنه : المكر، والحيلة، والخداع، والمكيدة؛ وهي مقابلات غير موفقة - فيما عدا "الحيلة" بمعناها العربي القديم - للإشارة إلى سمات دلالية واردة في الألفاظ اللاتينية، التي تدل على "الصناعة" و"الخبرة التقنية" و"الحيلة". إذاً، أمكن التحقق - على الرغم من ضعف الترجمة المقترحة - من ورود معنى أول، هو : الحيلة أو حسن المعرفة العملية في إنتاج عمل ما.

أمكن الوقوع (في كتاب برونو المذكور)، منذ القرن السادس عشر، على معنى آخر، متفرع من السابق، ويشير إلى "عمل واعٍ وخلاق موَجَّه لإنتاج عمل ما"؛ وهو معنى نشأ في تعارض مع معنى آخر كان يُعيِّن لفظ (Art) على أنه وحي، أو سحر، أو حسب ما تقول الأكاديمية الفرنسية : "لا شيء فنياً في ما يقول، بل هي الطبيعة تتكلم". هذا المعنى المتفرع نجده في قاموس بقطر (ودو برسفال)، إذ يتحدث عن "القواعد الناظمة" لإنتاج عمل ما : هكذا جرى التحقق من حدوث انتقال من معنى إلى آخر، ومن تعريفات كانت تربط لفظ (Art) بالسحر، إلى تعريفات جديدة باتت تربطه بالعمل. 

غير أننا نجد (دائماً في كتاب برونو المذكور)، منذ بدايات القرن التاسع عشر، معنى ثالثاً يُعيِّن لفظ (Art) وفق حمولة "جمالية" (أي أنه لا سحري أو تدبيري وحسب)؛ بل يمكن التنبه إلى اشتقاق لفظين متباينين من الاسم نفسه، ما يشير إلى فئتين من الصُّناع. هذا ما انتهى قاموس بقطر (ودو برسفال) إلى تقبله، بعد أن جرى (خارجه، في الجماعة) الفصل بين نوعين من الصناعات الإنسانية :

   Ars liberalis, ars mechanicas

إن هذين النوعين يقيمان حداً لم يكن قائماً في ما مضى، بين حمولة "عملية" وأخرى "ابتكارية"، ما يشير إلى ما قامت به "الأكاديمية الفرنسية" في تاريخ مداولاتها، إذ ميزت، في تعريفاتها، بين النوعين المذكورين، حسبما يمكن التأكد من ذلك في العام 1762 في هذين التعريفين للفظين المذكورين :

  • . التعريف الأول :

Artiste  :  celui qui travaille dans un art où le génie et la main doivent concourir :  un peintre, un architecte sont des artistes.

ما يمكن ترجمته كما يلي : (Artiste) "هو الذي يعمل في صناعة تشترك فيها العبقرية والخبرة اليدوية، مثل المصور والمعماري".

2 . التعريف الثاني :

Artisan  :  un ouvrier dans un art mécanique, un homme de métier,

وهو ما يمكن ترجمته كما يلي : (Artisan) "هو الذي يعمل في صناعة عملية، وهو رجل خبرة". 

إلى هذه القسمة الاشتقاقية الناشئة، إذاً، في اللفظ الواحد، نتحقق أيضاً، منذ منتصف القرن الثامن عشر، في "الموسوعة المعرفية" لديدرو (Diderot) ودالمبير (d’Alembert)، من ورود تركيب لفظي جديد : (Beaux-arts)، وهو ما انتهت الفرنسية إلى إقراره واعتماده. أي أنه سيتم التمييز، منذ هذا التعيين الجديد، بين صنفين : الصناعات الجميلة والصناعات الكلامية (أو الأدبية)، وهو ما كان مجموعاً في السابق في منظومة واحدة. ولا يلبث أن ينتقل هذا التنازع الناشئ إلى فرز آخر : بين الصناعات "الجميلة" والصناعات "التشكيلية"، قبل أن ينفرد لفظ (Art) بالشأن البصري وحده (كما هو عليه اليوم).

لن يقتصر الأمر على هذه المعاني والدلالات وحسب، بل سنشهد، منذ منتصف القرن التاسع عشر، تكوُّنَ دلالتين جديدتين لهذا اللفظ :

- دلالة تُعيِّن مجموع الصناعات الجميلة في عصر أو في حضارة؛

    - دلالة تُعيِّن مجموع الصناعات القائمة على الرسم تحديداً، من دون غيرها.

نتبين، من خلال هذه الجدولة، أن لفظ (Art)، انطلاقاً من الجذر اللاتيني ثم الإيطالي، ما كان يشير في الفرنسية، حتى القرن السابع عشر، إلى مسمى خصوصي وواحد، بل إلى مجموعة من المسميات المتشابكة؛ ثم لا يلبث أن يتضح قدرٌ من التمييز فيه، من خلال الإشارة إلى صنفين من الأعمال : اليدوية أو الابتكارية؛ ثم ينجلي هذا التمييز مع اللفظ المستحدث : (Beaux-arts)، من خلال تعيينات وحمولات تبلورت في مدى القرنين، الثامن عشر والتاسع عشر، وجعلتْ من لفظ (Art) صنيعاً فائق التعيين الجمالي، بخلاف الحرفة التي باتت في مرتبة "دونية" في هذا الترتيب القيمي– الجمالي.

نخرج من هذه الجدولة الفرنسية بالتعرف على المسار اللفظي–المعجمي التالي :

Ars - arte - artigiano - artista - artisan (1395) - arts libéraux et arts mécaniques - artiste (1752) - beaux-arts {1640} - artisanat (1923).

 

علم، صناعة، وفن

ماذا لو يتمُّ التوقف، الآن، أمام مجموع التعريفات العربية التي يقترحها قاموس بقطر (ودو برسفال)، لفحص تعريفات اللفظ المختار للدرس؟ يمكن التحقق من وجود ثلاثة ألفاظ عربية موازية للفظ الفرنسي (Art)، وهي التالية : "علم" (البناء)، و"صناعة" (التصوير) و"فن". ما مبرر هذا التعدد؟ نجد هذا التعدد أيضاً في الألفاظ الدالة على صانعي هذه الأعمال : "أهل حرفة"، "أصحاب الصنايع"، و"العالِم عِلْماً لا عَملاً"، و"العالِم بأصول الفن". في الإمكان فهمُ بعض أسباب هذا التعدد، لو تمَّتْ العودة إلى قاموس عبد الأحد النمساوي (1639). فماذا نجد؟

لا نجد فيه هذا التعدد : يردُ لفظ "الفن" ست مرات من دون أن يفيد أبداً، أو أن يشترك مع لفظ “الصناعة”؛ لكننا نجد فيه معاني ودلالات كثيرة تصل الصناعة بالحيلة والحذاقة والمهارة والفطنة والذهن. هذا الأمر لا يلبث أن يتبدل بمجرد الوقوع على قاموس كانيس (1787)، أي بعد قرن ونصف القرن، إذ نجد فيه تشاركاً وتنازعاً معجميين ودلاليين بين الألفاظ الثلاثة : "الصناعة"، "الفن"، و"العلم". يمكن الخروج، من هذه المقارنة الأولية بين القواميس الثلاثة، بالجدول التالي :

في المرحلة الأولى (1639) نسقان : 

- نسقٌ يعني : الجِّهة والمَذْهب والحال والقانون والمرتبة والتعليم؛

- نسق متعدد بين الصناعة والعلم والحيلة.

في المرحلة الثانية (1787) نجد الاشتراك واقعاً بين ما كان متفرقاً في نسقين في المرحلة السابقة، وهو الاشتراك بين "الصناعة" و"الفن" و"العلم" في حقل معجمي واحد.

في المرحلة الثالثة (1821)، يتعزز ويتأكد الاشتراك المستجد والمذكور في المرحلة الثانية.

كيف نفسر حركة الانتقال هذه؟ هل أخذ بقطر (ودو برسفال) عن قاموس المرحلة الثانية؟ هذا ما يقوله دو برسفال في مقدمة القاموس، ولكن من دون أن يُعيِّن مواضع الأخذ؛ إلا أنه يقول، في المقدمة نفسها، إن بقطر عاد أيضاً إلى قواميس المرحلة الأولى : لماذا أخذ، وفق هذه الفرضية، من القاموس الثاني، وطرحَ جانباً القاموس الأول، على ما يمكن التعرف في تعريفاته؟

المعلومات معدومة للبتِّ بهذا الأمر، إلا أن لنا تفسيراً نسوقه، ويتصل بالمعقولية التاريخية، وهو التالي : نتبين في القاموس الأول بدايةَ تأسس افتراق معجمي ودلالي بين ما يسميه القاموس : “علم الرساخة” و”علم نظري” ("العِلم")، وبين : “العملية، الرسخية، الصناعية” ("العمل")؛ أي أن القاموس بات يقيم التفريق بين ما كان قد تأكد في اللاتينية ثم في الإيطالية، وهو التمييز بين :

Ars liberalis {arte liberale} - ars mechenica (arte mechanica}.

هذا التمييز، الذي يبدو مرتبكاً أو غير موفق في صيغته العربية، سيتخذ في القاموس الثاني، ثم في قاموس بقطر (ودو برسفال)، شكلاً بيِّناً، وهو اقتراح لفظ “فن” للمبتكَر من الصناعات، ولفظ “صناعة” للصناعات العملية، ما يعني إيجاد ترادفات أو مقابلات عربية لما كان قد تبلور حينذاك في التفكر المفهومي في مسائل الجمال في غير بلد أوروبي.

لو ننسى، الآن، مجموع الألفاظ والمعاني والدلالات التي تمَّ استخراجها من القواميس الثلاثة، وما يحيط بها في اللغات الأربع، اللاتينية والإيطالية والفرنسية والإسبانية، متبينين ومتتبعين المسار المقابل، أي في القواميس والكتابات العربية، فماذا نجد؟

نجد، بداية، أن علينا العودة إلى غير لفظ ودلالة في العربية لتشكيل الحقل المعجمي نفسه الذي أقمناه في الفرنسية أعلاه. نعرف أن لفظ “فن” يعيِّنَ، في العربية القديمة، "الغصن" و”النوع” عموماً، قبل أن يعين نوعاً قولياً أو أدبياً مخصوصاً، فكيف كان يتمُّ، والحالة هذه، تسمية الأعمال التي نتواضع على تسميتها، اليوم، بـ”الفن”؟

يمكن الوقوع في "كتاب العين" على غير لفظ دالٍّ على مرادنا، مثل : عمل، حرفة، صنعة، فِعل، التي تشترك بالسمات الدلالية التالية : الامتهان، الارتزاق، المعالجة، الدربة، الحذاقة، الإتقان، الإجادة وغيرها. إلا أننا لا نلبث، بعد التعالقات الدلالية بين “الأعمال” و”الأفعال” و”الحِرف” و”الصناعات” (التي نجدها في معجم الخليل)، أن نتحقق من تأكُّدِ واحدٍ من هذه الألفاظ (“الصناعة”)، ومن تميزه “الإيجابي” عن الألفاظ الثلاثة الأخرى. فها هو محمد بن سلام الجمحي يحدثنا في مطلع كتابه "طبقات فحول الشعراء" : “للشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم، كسائر أصناف العلم والصناعات” (6). يمكننا أن نعدد الأمثلة للحديث عن تميز لفظ “الصناعة” وحمولاته، وعن اقترانه بلفظ آخر، هو لفظ “العِلم”، حيث إن صناعة الشيء تعني العِلم فيه. هكذا نجد أبو هلال العسكري يسوق الكلام عن النوعين الأدبيين في "كتاب الصناعتين"، مثلما نجد الكندي يتحدث عن “صناعة التأليف”، والفارابي وابن سينا وابن رشد عن “صناعة التزويق” وغيرهم. وما يعني الباحث التحقق منه، في إطار هذه المرحلة، هو تبلور “الصناعة”، لا كعِلم للقواعد وحسب، بل كمفهوم ناظم لغير صنيع إنساني، مثل التصوير والتزويق والشعر وخلافها، حتى إن "إخوان الصفاء" أوردوا في "الرسائل" تسمية خاصة بهم، هي “صناعة الزينة والجمال” (7).

أخلص من عملية التتبع هذه إلى ضبط الرسم البياني التالي (بعد أن أزلتُ منه ما لا يتصل بالنطاق الجمالي) :

- فنن (غصن، عناء...) - فن (نوع، حسن انتقال أدبي...) - فن (علم، نوع أدبي أو غنائي...).

- عمل + حرفة + صنعة :  صناعة (علم + جمال...) وحرفة (عمل يدوي + مهنة...).

نحن، إذاً، أمام نسقين مختلفَين، فكيف جرى استبدال نسق بآخر، فصرنا نسمي “فن” ما كنا نسميه “صناعة” (8)؟ وما كان عليه بالتالي "مصير" اللفظ “صناعة”؟

 

بين فن وصناعة

لتبيان ما أقول، أذكر أن اللبنانيَين (الدارسَين والعاملَين في روما) جبرائيل الصهيوني والحصروني أقدما في العام 1616 على تأليف كتاب أطلقا عليه الاسم التالي : "كتاب في الصناعات" (وفق المعنى القديم)، فيما نجد "دائرة المعارف" (9) تؤكد على أن لفظ "الصناعة" بات مخصوصاً لتأدية اللفظ الفرنسي : Industrie. فكيف جرى ما جرى؟ إلى متى يرقى تبديل النسق المشار إليه أعلاه؟

لن نجد الجواب عن هذا السؤال في محاضر جلسات “دور الانعقاد الأول” لـ”مجمع اللغة العربية الملكي”، في القاهرة، في العام 1934، حين اقترح الشيخ حسين والي ما يلي : “أفضلُ أن نقتصر على تسمية اللجنة "لجنة الآداب والفنون الجميلة"، ولا تستعمل معها "الرفيعة"، كما اقترحَ بعضنا، لأن “الجميلة” كلمة سارت في بلادنا وشاعت، وليست خطأ في الذوق أو الاستعمال” (10). لا إشارة، إذاً، ولا مناقشة للفظ “فن”، ذلك أنه شاع، بل تكرَّس في الكتابات العربية، أي في عدد منها، منذ القرن التاسع عشر. فإذا كنا نجد الكاتب عبد الفتاح عبادة يناقش في مجلة “الهلال” أمرَ استخدام لفظ “الفنون الجميلة”، أو “الفنون الفتانة”، أو “الفنون اللذيذة”، فإنه يناقش الصفة، ولا يجد أي ضرورة لنقاش استعمال لفظ “فن” نفسه (11).

هذا ما يمكن التحقق منه لو جرت العودة إلى دراسة ترجمَها (الشيخ) يوسف حبيش وإلياس (أفندي) صيداوي، ونشراها في “مجلة مصر”، في العام 1895، للفرنسي بول كازانوفا (12)، ويتحدثان فيها – منذ العنوان - عن “الفن الإسلامي” (وهو موضوع الدراسة أيضاً). يصعب علينا تصور إمكان قيام هذين المترجمَين بمثل هذا المقترح ("فن" بدل "صناعة")، لا لنقص في عدتهما، بل لأن الأمر يتعدى تسمية عابرة، ويطاول عنوان الدراسة بل غرض كتابتها : لعل المقترح كان مكرساً عند إعدادهما هذه الترجمة بدليل حديث أحمد فارس الشدياق عن "الفنون الجميلة" في كتاب "الساق على الساق..." (1855)، وحديث يعقوب صروف بدوره عن "الفنون الجميلة"، في مجلة "المقتطف" (في العام 1887)، في مقالة تدور حول "الانتقاد" (وهو عنوانها)، ويكتب فيها : "مدار الشعر هو الفنون الجميلة"، وهي عنده : الشعر والموسيقى والتصوير والنقش (بمعنى : النحت) والبناء (13). كما تفيد "دائرة المعارف"، مثلما ذكرنا أعلاه، أن لفظ “الصناعة” بات معروفاً وفق استعمال جديد، غير القديم. هل عاد هؤلاء الكتاب وغيرهم إلى ما كان قد اعتمده مترجمون قبلهم ابتداء من قاموس بقطر (وقد عرف شهرة واسعة ورواجاً في فرنسا ومصر في ذلك العهد، حتى إنه كان المرجع الأساس في عمليات الترجمة، وقد نشطتْ بقوة في تلك السنوات وبعدها بين باريس والقاهرة)؟

يحتاج الأمر إلى فحص مزيد، إذ إن العودة إلى ما ذكره ابن خلدون في "المقدمة"، في تعريف التاريخ، بأنه "فن"، يتلاقى مع ما صنفه الفيروزآبادي في "القاموس المحيط" (مادة : "فنن")، بأن "فن" يتعين – في جملة معانيه – في "فنون القول"؛ بل يمكن أن نجد في قاموسه تعيينات تقربُه وتوسعه صوب الصنع المادي في تعريفين على الأقل : الفن ما يتصل بـ"التزيين"، و"رجلٌ مِفَن : يأتي بالعجائب". هل أخذ بقطر (ودو برسفال) بهذين المعنيين الأخيرين، و"توسَّع" فيهما ونقلهما إلى فنون غير قولية، مادية تحديداً؟ هل أخذ المترجمون الفرنسيون والعرب بهذا التوسع المعجمي لتسمية صنيعٍ لم يجدوا – وفق ثقافتهم اللغوية – مرادفاً له في العربية القديمة؟

لنعد من جديد إلى قاموس بقطر (ودو برسفال)، ولنتوقف أمام اللفظين الفرنسيين : ornement, orner. كيف يُعيِّن القاموس تعريفاتهما بالعربية؟

يستعمل القاموس أربعة ألفاظ عربية للدلالة على اللفظ الفرنسي، فما طبيعة التوازي المقترحة؟ إذا كان اللفظ الفرنسي يشير إلى عمليات “تحسينية” تصيب البيت أو المتاع أو الحديث، ما يقوي من رونقها، فإن ما يستدعيه القاموس لأداء هذا المعنى - البسيط في نهاية المطاف -، هو أربعة ألفاظ عربية تقع في صلب مقومات الخطاب الجمالي القديم بالعربية : أخذَ من “الحِلية”، وهي أقل الألفاظ الأربعة حمولة للبعد الجمالي؛ وأخذَ من “التزويق”، الذي بلغ مرتبة “الصناعة” عند الفلاسفة المسلمين (كما ذكرنا أعلاه)، للإشارة وحسب إلى “تزويق الكلام”؛ واستعار من العربية لفظاً شديدَ المعاني والدلالات، هو “الزخرفة”، للإشارة وحسب إلى “زخرفة البيت”، أي إلى ما يسميه “كتاب العين” (وغيره من القواميس العربية بعده) بـ”النجود”.

هذا ما يصيب لفظ “زينة” بدوره : يكاد أن يكون هذا اللفظ معدوماً من أي معنى أو دلالة في قاموس بقطر (ودو برسفال)، فيما نجد له، سواء في استعمالات سياقية متعددة في القرآن الكريم، أو في كتابات عربية قديمة عديدة، جدولاً غنياً ووفيراً، حتى إن الراغب الأصفهاني تبين ثلاثة أصناف من الزينة : الزينة النفسية، والزينة البدنية، والزينة الخارجية، فيما وجد الفيروزآبادي لها عشرين وجهاً أو دلالة في القرآن الكريم (14).

ما سهَّلَ عملية الخلط المعجمي بين اللغتين، وما جعلَ من توظيف ألفاظ قديمة أمراً ممكناً في سياقات مستحدثة ومن خارج الثقافة المعنية، هو أن معجم بقطر (ودو برسفال) لم يورد في المداخل المعجمية "شواهد" يمكن لها أن تدل على صحة التوازي الذي يقترحه، عدا أنه لم يكن في مقدوره إيجاد شواهد كتابية "تؤيد" أو تبرز ما يسوقه من استعمالات جديدة للألفاظ العربية القديمة. فالسؤال لازمٌ في المعاجم الثنائية اللغة حول مدى وجود الاشتراك بين مفهومين-قيمتين بين لغتين، ما يَظهر خصوصاً في درس الألفاظ الاصطلاحية : أهناك اشتراك ممكن بينهما أم هناك توسطٌ يمكن تدبيره أم تباينٌ حاسم يستحيل طمسه (ما يستوجب عرض المعنى وفق لغته-ثقافته، من دون خلط أو لبس مع اللغة-الثقافة الأخرى)؟ 

ما يمكن قوله في هذا المجال هو أن عملية التوازي في المعاجم المذكورة لم تكن متكافئة أبداً، إذ تمَّ فيها اختصار المعاني والدلالات، واختيار بعضها من دون غيرها، ما يمكن اختصاره بالقول التالي : ما كان "عالي" الحمولة الجمالية في هذه الألفاظ في التجارب التاريخية-الاجتماعية العربية-الإسلامية استُعمل لأداء معان ودلالات "دونية" في ما تعينه في التجربة التاريخية-الاجتماعية الأوروبية. وما تمَّ حينها في أوروبا، وما كان يتبلور فيها - وهو ما أحال عليه بقطر (ودو برسفال) في قاموسه -، لا يعدو كونه تبلوراً فنياً-جمالياً-مفهومياً أدى في غير بلد، لاسيما مع الرومانسيين، الإلمان خصوصاً، إلى إقامة “فن في الفن” (أو “الفن للفن”، حسب عبارة الكاتب الفرنسي تيوفيل غوتييه الشهيرة). كما أدى خصوصاً إلى الفرز بين نصابين : النصاب الحِرَفي، والنصاب الابتكاري، أي إلى إقامة نظام جمالي هو في حقيقته مثال أوروبي خصوصي (15)، ويستجيب لمقتضيات عمليات جارية في أوروبا، ويعمل على بلورتها. وإذا انتهتْ هذه البلورة إلى الرفع من قيمة صناعات على حساب غيرها من مجموع الصناعات الأوروبية، فإن صناعات شعوب أخرى، ومنها الإسلامية، "هُمِّشت" وأُدرجت في "فنون تطبيقية" (arts appliqués)، وفقدت بالتالي كونها "مثالاً خصوصياً" بدورها، بل صارت نوعاً "دونياً" لغيرها، لما لم تعرفه أو تمارسه!

 

antique = "أنتيكا" 

إن عودة، ولو سريعة، إلى ترجمات كُتاب “النهضة” وتآليفهم، تُظهر قيامهم بتقديم عدد واسع من المقترحات لتسمية منتجات أوروبية خالصة، فعملوا على اشتقاقها من جذور عربية أو على توسعة معانٍ قديمة، مثل : "صحافة"، و“صحافي”، و“مجلة”، و“جريدة”، و“ملحمة”، و“شعر الملاحم”، و“قصصي”، و“غنائي”، و“مأساة” وغيرها (16). هذه الاشتقاقات لبَّتْ تسمية مستحدثات صنعية، من دون أن تقتصر عليها وحدها. إذ إن عودة، ولو سريعة، إلى كتابات "النهضة" أو معارفها تُظهر أنها لم تقم بجلب النافع والجديد وترجمته وحسب، بل بإعادة صياغةٍ وتبويبٍ جديدَين إذ أعادت تشكيل سجلات لغوية–معرفية بالتالي، وفق ما انتهى إليه النصاب المعرفي الأوروبي، على ما فيه من جدة وخصوصية في آن.

يضيق المجال، وتعوزنا التحقيقات الميدانية، للوقوف على حقيقة مسار التوازي الذي أصاب المفاهيم الجمالية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، والذي قضى بـ”تعويمها” المعجمي والدلالي، مثلما يحصل في سوق العملات حين تفقد عملة ما قيمتها التداولية السابقة، وتكتسب قيمة مستجدة ولكن ضعيفة ومتراجعة. قد لا يكون إلياس بقطر عينة نموذجية لما كانت عليه "النهضة"، أو ما آلتْ إليه، لكنه يتوجب السؤال : هل سنجد هذه التعريفات، التي ساقها بقطر، في متون عربية لاحقة؟ هل سنجد هذه التعريفات في مفاهيم واستعمالات رائجة في حياتنا العربية، اليوم؟

يتمُّ الحديث، في أكثر من عامية عربية، عن الشيء العديم النفع والبالي بالقول : "أنتيكا"، وهو استعادة للفظ فرنسي معروف : (antique)، الذي يعني في أساسه الفرنسي : "العريق". كيف أصبح "العريق" بالياً؟ أليس هذا بعض ما أصاب ألفاظ العربية العالية الحمولات؟ ألم يتمُّ "تحويل" بعض المعاني والدلالات، في ألفاظ عربية قديمة، إلى غير معناها، مكتسبة دلالات جديدة، "متراجعة" عما كانت عليه؟ ألا تنتهي عملية التوازي إلى أن تصبح مثل عملية "تحويل" العملة بين لغتين، بين ثقافتين، فلا توفِّر المساواة بينهما (كما سبق القول)؟

هذا ما أطلبه في وقفة جديدة وأخيرة لمعرفة "آثار" هذه العملية (التي جرى الحديث عنها أعلاه)، في معاجم عربية متأخرة، هي التالية : "معجم الرائد"، و"معجم الغني"، و"المعجم الوسيط" (وهي معاجم من أكثر من بلد عربي) وغيرها (17). ولقد طلبتُ التوقف عند الأخير فيها لكونه يمتاز بعدد من القواعد السليمة في وضع المعاجم، وأهمُّها أنه حاصلُ عملِ فريق من المعجميين العرب (وليس عملاً فردياً)، ووفق قواعد بينة في العمل المعجمي، مستندة إلى قواعد مقرة في "مجمع اللغة العربية" في القاهرة. فماذا أجد فيه؟

يتحقق الدارس، بمجرد تصفح المدخل المعجمي : "فن" (م. ن، ص 703-704)، من أنه أمام لفظ ومشتقات متعددة ومتنوعة، من جهة، ومتداخلة المرجعيات، من جهة ثانية. كما يقوى الدارس، من دون أي مشقة، على "تنسيب" هذه التعريفات المعجمية، وتوزيعها في جدولَين بارزَين : الماضي العربي-الإسلامي (المأخوذ من معاجم عربية قديمة)، والجديد المستحدث، بتفاعل مع الخطاب الأوروبي، المعجمي كما الجمالي :

  • "فن" في جدول قديم : الفرع من الشجرة، والاضطراب والتمايل في السير لدى الفَرس وغيره، التقلب في الكلام، وأنواع الكلام وغيرها؛
  • "فن" في جدول مستحدث : التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها، وجملة القواعد الخاصة بحرفة أو صناعة، وجملة الوسائل التي يستعملها الإنسان لإثارة المشاعر والعواطف وبخاصة عاطفة الجمال، كالتصوير والموسيقى، ومهارة يحكمها الذوق والمواهب (18).

هذا ما يجده الدارس من تعريفات، بخصوص لفظ "فن"، في معاجم جديدة أخرى في العربية، ما يدعو إلى جملة من الخلاصات :

أولاً : إذا كانت جهود بعض المعجميين العرب "النهضويين" قد سعت إلى "نحت" ألفاظ عربية لقبول ألفاظ دخيلة، فإن مجهودات "مجمع" القاهرة وبعض أعضائه "ماشتْ" و"سهَّلتْ"، في أحوال، الساري في الكتابات العربية، ولا سيما الصحفية منها، غافلة عن كون هذه الألفاظ اصطلاحية، من جهة، وتخص مسميات عربية قديمة في بعض الأحوال، من جهة ثانية؛

ثانياً : "قبلتْ" العربية التمييز بين "حرفة" و"فن"، وغيرها من التمايزات والدلالات، فيما العربية غير معنية بها بالضرورة في معاجمها العربية-العربية، ولا سيما في مجال الحديث عن صناعاتها القديمة؛

ثالثاً : جرى تبديل ألفاظ بألفاظ من داخل العربية نفسها ("فن" بدل "صناعة"، كما يرد في أحد هذه المعاجم القول : "فن الزخرفة"، و"الزخرفة العربية : تزيين فني بأسلوب عربي")، فيما لا تحتاج المعاجم العربية-العربية إلى عمليات التبديل هذه حين تسمي صناعاتها القديمة، بل لها أن تسميها كما كانت عليه؛

رابعاً : حصل في المعاجم العربية-العربية المتأخرة خلطٌ والتباسٌ وتداخلٌ بين أسماء قديمة (ذات معان ودلالات بعينها) وبين "تحميل" هذه الأسماء معاني ودلالات مستجدة لا تناسب، بل لا توافق ما كانت عليه في ماضيها (كالقول في أحد هذه المعاجم : "زوَّق لوحة : زيَّنها"، إلى جانب القول التالي : "زوَّقه : طلاه بالزاؤوق" وغيرها)؛

خامساً : إذا كانت هذه المعاجم الثنائية اللغة تحتاج، أو تضطر إلى إجراء "مقايضات" بين ألفاظ قديمة (عربية) ومعان ناشئة (ابتداء من تجارب ولغات أوروبية)، فإن هذا الأمر لا يحتاجه أبداً وضع المعاجم العربية-العربية المتأخرة، لأن العربية تكون، في هذه الحالة، تسمي ثقافتها، وبألفاظها كما جرى استعمالها وتداولها؛

سادساً : ما زاد من هذه المشاكل هو أن المعجميين العرب القدامى (والمعاصرين أيضاً) لم يولوا العناية الكافية لوضع "معجم تاريخي" للعربية، ما فاقمَ الوضع سوءاً، وجعلَ التواصل متعثراً في اللغة (العربية) الواحدة : ما يقع عليه الدارس من ألفاظ أو معان أو دلالات في كتابات الكندي والفارابي وابن سينا و"إخوان الصفاء" والمتصوفة وغيرهم، ولا سيما في المواد المعجمية الخاصة بنطاق الحُسن والجمال، لا يجده ماثلاً أو مصنفاً، لا في المعاجم القديمة، ولا المتأخرة، في العربية (19).

توقف البحث أمام نوع من المعاجم (الثنائية اللغة) قلما يعتني به دارسو الخطاب المعجمي وقضاياه، ما يتمثل في عدة جوانب : اعتنى البحث بألفاظ اصطلاحية من دون غيرها في المعجم (20)، في مسعى "تعاقبي" (diachronique) تولى درسَ "تنقلات" اللفظ الاصطلاحي في قرون مختلفة؛ كما عملَ على درس أشكال التوازي في التعريفات المعجمية بين لغتين (ثقافتين)، في صيغها المختلفة بين ترادف وتقابل وتوسط، وبين وضع وترجمة؛ وسعى إلى فحص ما تشتمل عليه عملية التوازي من محددات و"إسقاطات" و"إقحامات" وغيرها : تتحدث د. لين فرنجية عن "مفارقة" يقوم عليها بناء المعجم الثنائي اللغة، إذ إن عليه "أن يقيم توازياً بين لغتين، فيما ليس في مقدور هاتين أن تكونا كذلك في صورة تامة" (م. ن.، ص 24). هذا ما جعل الدرس يتعدى النطاق المعجمي والترجمي، ليشمل ما يسمى "الصلة بين اللغات"، التي هي صلة بين الثقافات واقعاً، وما يعتورها من عمليات - "تطبيعية" أو "تبخيسية" في أحوال. هذا لا يقتصر على المعاجم الصادرة عن لغة "نافذة"، وإنما يشمل أيضاً ما يمكن تسميته بالمعاجم "المستَتْبَعة" في بعض جوانبها المعجمية والثقافية. بهذا المعنى تنتهي عملية وضع المعجم إلى أن تكون عملبة ترجمية، والترجمة إلى مسألة تناصية، أي لا تصيب الألفاظ وحدها، وإنما مفاهيمها وقيمها أيضاً. وهو ما ينتقل بالتالي إلى خارج المعاجم، إلى دورة الحياة، إلى التداول.

(المؤتمر الخامس للمجلس الدولي للغة العربية، دبي، 3-7 أيار-مايو 2016).

 

الهوامش :

  • 1 :

Dictonarium latino-arabicum davidis :  jean-baptiste duval, A. Vitre, Paris, 1632.

Fabrica lingua arabicae :  Dominicus Germanus De Silesia, Romae, 1639.

Lexocon arabe – latin :  Jacques Golius, Leyde, B. et A. Elzervir, 1653.

Dictionnaire :  Edmond Castell, T. Toycroft,  londres, 1669.

Lexique arabe et latin :  Everard et Jacob Scheidius, Leyde, J. Le maire, 1769.

Dictinario espanol-latino-arabigo :  P. Fr. Francisco Canes, Madrid, 1787.

Dictionnaire français-arabe : Ellious Bocthor, revu et augmenté par : Armand-Pierre Caussin de Perceval, Firmin Didot père et fils, Paris, 1828-1829.

2 : تفيد كتب التاريخ، مثل مقدمة القاموس، أن إلياس بقطر (1784-1821)، المولود في أسيوط، عمل في حملة بونابرت ترجماناً للجيش الفرنسي في مصر، وما لبث “أن قدم إلى فرنسا مع عدد من مواطنيه، بعد أن اضطرهم إخلاصهم لقضيتنا إلى مغادرة بلادهم”، حسب عبارة دو برسفال، كاتب مقدمة المعجم.

تأكدتُ من صدور طبعة من هذا المعجم في بيروت عن دار "مكتبة لبنان–ناشرون"، من إعداد : عبيد حلاب، إلا أنني عدتُ إلى الطبعة الفرنسية، وتحيل الشواهد عليها.

  • : ستحتفظ المعاجم اللاحقة، الأحادية أو الثنائية اللغة، من هذه التعريفات، باللفظ–الأساس، وهو "الجمهور"، وستشتق منه جدولاً لفظياً متشعباً : "الجمهورية"، "الجماهير"، "الجمهوري" وغيرها، فيما اجتهد أحمد فارس الشدياق في تسمية : “مجلس النواب”.
  • : سيعرف اللفظ الفرنسي المذكور ومتعلقاته "حياة" مديدة و"متقلبة" في العربية قبل أن يبلغ اسمه الحالي : "مسرح" (ومتعلقاته) في العربية : عبد الرحمن الجبرتي يتحدث عن "كمدي" (comédie) في "تاريخه"، فيما يتحدث مارون النقاش (أول المسرحيين العرب) وسليم البستاني (في "دائرة المعارف") وغيرهما عن "الرواية"، قبل أن يتم الكلام مع أحمد فارس الشدياق عن "التمثيلية" وغيرها...
  • : Ferdinand Brunot : Histoire de la langue française des origines à 1900, Armand Colin, Paris, 1966, T. 6, P. 682.
  • : محمد بن سلام الجمحي : “طبقات فحول الشعراء” (مجلدان)، تحقيق : محمود محمد شاكر، 1974، مطبعة المدني، القاهرة، ص 1، 5.
  • : "إخوان الصفاء وخلان الوفاء" : "الرسائل" (4 مجلدات)، دار صادر، لا تاريخ؛ ويمكن العودة بتوسع إلى كتاب شربل داغر : "الفن الإسلامي في المصادر العربية : صناعة الزينة والجمال"، المركز الثقافي العربي، بيروت-الدار البيضاء، بالتعاون مع دار الآثار الإسلامية، الكويت، 1999.
  • : بخلاف الأتراك الذين يحتفظون حتى أيامنا هذه، في لغتهم السارية، بلفظ “صناعة” للدلالة على صناعات إسلامية قديمة أو على صناعات تشكيلية حديثة؛ وكانوا قد أطلقوا في العهد العثماني الأخير التسمية التالية : "صنايع نفيسي" كمرادف لما أسمته العربية في حينه بـ"الفنون الجميلة".
  • : بطرس البستاني : "دائرة المعارف" (1867)، المجلد 11، دار المعرفة، بيروت، لا تاريخ، ص 36.
  • : “مجمع اللغة العربية الملكي”، القاهرة، 1934 : من محاضر الجلسات، ص 405.

يمكن العودة أيضاً إلى ما أوردته "مجلة مجمع اللغة العربية الملكي" عن تشكيل لجان "المجمع"، ومنها "لجنة الآداب والفنون الجميلة"، التي تستجمع، منذ عنوانها، القسمة الناشئة في الخطاب الجمالي الأوروبي بين "الأدب" (بمعنى الشعر والنثر)، من جهة، وبين "الفنون الجميلة"، من جهة ثانية؛ كما يمكن التنبه إلى أنها اعتمدت القسمة الأوروبية بين "الحرفة" و"الفن" في أعمالها : تبحث اللجنة المذكورة في "مصطلحات الصناعات والحرف وما إليها"، وفي "مصطلحات الفنون الجميلة، مثل : الرسم، والتصوير، والنحت، ونقر الخشب، والموسيقا بأنواعه وآلاته وأجزاء آلاته، والتمثيل، والخيالة، والشعر" :  "مجلة مجمع اللغة العربية الملكي"، الجزء الأول، أكتوبر-تشرين الأول من سنة 1934، القاهرة، المطبعة الأميرية، بولاق، 1935، ص 30-31.

  • : عبد الفتاح عبادة : “الرقص عند العرب وتاريخه في الإسلام” (حلقتان)، مجلة "الهلال" في عددي تشرين الأول– أكتوبر وتشرين الثاني– نوفمبر من السنة 1925، ص 68-76 و163-170.
  • : (الشيخ) يوسف حبيش والياس (أفندي) صيداوي : ترجمة دراسة الفرنسي بول كازانوفا عن “الفن الإسلامي”، "مجلة مصر"، القاهرة، سنة 1895.
  • : أحمد فارس الشدياق : "الساق على الساق في ما هو الفارياق، أو أيام وشهور وأعوام في عجم العرب والاعجام"، تقديم وتعليق : نسيب وهيبة الخازن، بيروت، منشورات دار مكتبة الحياة، 1966، ص 98.

يعقوب صروف : "الانتقاد"، مجلة "المقتطف"، القاهرة، 1887، ص 163.

  • : محمد بن يعقوب الفيروزآبادي مجد الدين : "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" (6 أجزاء)، تحقيق : محمد علي النجار وعبد العليم الطحاوي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، 1996، القاهرة، ج 3، ص 157-160.
  • : يخلص الدارس جان-ماري شافر، بعد مراجعة تحليلية للخطاب الجمالي الأوروبي في العصر الحديث، إلى القول التالي، في نهاية كتابه الموسوم : "الفن في العصر الحديث : جمالية الفن وفلسفته من القرن الثامن عشر حتى أيامنا هذه" : إن نزعة "تقديس الفنون" في أوروبا، في العصر الحديث، "لا تعدو كونها، في نهاية المطاف، اتفاقاً محلياً، ولا تشكل بأي حال قولَ الإنسانية الفصل في ما يتصل بالجمالية والفنون" :

Jean-Marie Schaeffer : « L’art de l’âge moderne. L’esthétique et la philosophie de l’art du 18 siècle à nos jours », Gallimard, Paris, 1992, p.  387.

  • : يمكن العودة إلى كتاب حكمت كشلي : “المعجم العربي في لبنان” (دار ابن خلدون، بيروت، 1982)، للوقوف على دور اللبنانيين خصوصاً في ترجمة الاصطلحات الجديدة.
  • : مجمع اللغة العربية : "المعجم الوسيط"، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، الطبعة الرابعة، 2004.
  • : نجد في هذه التعريفات الكثير من التعريفات المعجمية الواردة في معاجم أوروبية حالية، ومنها معجم بقطر (ودو برسفال) قبلها، ما يجعل عملية "وضع" المعجم – في هذه الحالة - أقرب إلى عملية "ترجمة"!

ويمكن التأكد، قبل صدور هذا المعجم عن "المجمع"، من أن جهوده، مثل جهود أعضائه، اعتمدت لفظ "فن" واشتقاقاته، ما يمكن التدليل عليه في الكتب التالية :

 محمود تيمور (عضو المجمع) : "معجم الحضارة"، المطبعة النموذجية، القاهرة، 1961 : راجع خصوصاً : "الفنون"، ص ص 137-154؛

مجمع اللغة العربية : "معجم ألفاظ الحضارة ومصطلحات الفنون"، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1980 : راجع  خصوصاً : "ألفاظ الفنون التشكيلية ومصطلحاتها"، ص ص 159-165؛

ابراهيم الترزي (مجمع اللغة العربية) : "التراث المعجمي في خمسين عاماً"، سميركو للطباعة والنشر، القاهرة، 1984 : راجع خصوصاً : "في ألفاظ الحضارة ومصلحات الفنون"، ص ص 117-120.

  • : يمكن العودة بتوسع إلى كتاب شربل داغر : "مذاهب الحسن : قراءة معجمية – تاريخية للفنون في العربية"، المركز الثقافي العربي، بيروت-الدار البيضاء، بالتعاون مع الجمعية الملكية للفنون الجميلة، عَمان، 1998.
  • : وقعتُ على دراسة لافتة – وهي أطروحة دكتوراه في أساسها - تخص العربية في القواميس الثنائية اللغة المتأخرة، بين العربية والفرنسية، وبين العربية والإنكليزية، وعالجتْ في المداخل المعجمية ما يتصل بالألفاظ والجمل، من دون الألفاظ الاصطلاحية (التي عالجها هذا البحث) :

Lynne Frangié : La traduction dans les dictionnaires bilingues, Editions Le Manuscrit, Paris, 2009.

 

 

 

 

 


 

                                          ملحق النبذات المعجمية

      

 

نبذات من

"بناء اللغة العربية والفرنجيتين

العاميتين في الإيطالية واللاطينية"

من تأليف عبد الأحد النمساوي،

معلم اللسان العربي برومية، وطبع في 1639.

 

 

Adornamento           : Vedi arnamento, fornimeto.

Ornatus fubstent, الزينة  التزويق             

Adornare                :  Vedi guarine, exornare, instruere.

زين يزين تزييناً.

زوق يزوق تزويقاً.

(P. 42-43).

 

Arte                      : Vedi astutia, prudenza, industria.

                              Ars, techna, astutia.

المكر الحيلة الخداع المكيدة.

Arte                    : Vedi consuetudine, modo, stile.

                            Ars, modus, stilus, via, عادة طريق جديلة 

                           ratio, consuetude شاكلة وجه جهة سنة    

Arte liberale         :  Ars liberalis علم الرساخة. علم راسخ. علم نظري. النظرية. الرساخة

Arte mechanica    :  Ars mechanica. العملية. الرسخية. الصناعية    

Arte                   : Ragione dell coso factibili الصناعة. صنايع. ات 

                          Ars, recta ratio rerum factibilum.

Artefice              :  Artisa, artegian. Artifex, opifex صناع. صنعاء. صانع. صانعين 

 

Artificiato            : Artefactus, fecundm artem مصنوع بحسن الصناعة. مصيَّر بالصناعة 

Artificiale            : Artificialis, fabrilis, artificiofus,

                          Affabre factus صناعي. مصنوعي. متصنع. مستصنع. صنيع 

Artificiofo            : Inuentore, artificiofus, qui cum arte. Aliquid facit, proprio ingenio حاذق. حذاقي. ماهر. مستفطن. متذهن. محتال فيه 

Artficio               : Artificium, opificiom الصنع. الصنيع. التصنيع. الاستفطان. الذهن 

(P. 143-144).

 

Figuramento           : Figuratione, et figura, pittura. Figuratio, Representatio, figura externa, sumitur. Nonnunquam  pro ipsa figura, pictura.

 تصوير تصاوير. تمثيل تماثيل. تشبيه تشابيه. تشكل تشاكيل.                                           

(P. 467).

 

Imagine                 : Figura, Imago, figura, pictura.

 الصور صور. الشكل أشكال. الهية هيات.

(P. 548).

 

يرد لفظ “الفن” ست مرات في هذا القاموس، حاملاً دلالات مختلفة، هي التالية :

-  يرد بوصفه دالاً على : “جهة، قياس، حال، تشبيه...”، حسب تعيينات واضع القاموس، ما يناسب :

      modo, maniera, modus, ratio… (P. 535).

-  يرد بوصفه دالاً على: “طقس، قانون...”، ما يناسب :

legge civile, lex civillis... (P. 638).

-   يرد بوصفه دالاً على : “عادة، مذهب...”، ما يناسب :

 maniera... (P. 660).

-   يرد بوصفه دالاً على : “جنس، حال... “، ما يناسب :

(P. 680).   

-    يرد بوصفه دالاً على : “الرتبة، المرتبة”، ما يناسب :

ordine in genere, che val regula, region (P. 726).

-    يرد بوصفه دالاً على “قانون، تعليم.... “، ما يناسب :

precetto, che val institutione (P. 794).

 

نبذات من

"كتاب ترجمان اسبنيولي ولاطيني وعربي"

من تأليف فرنشيسكو كانيس، في مدريد، 1787.

 

 

Adonar           : Adonare, exornare, ornare.

زين يزين. زوق يزوق.  زخرف يزخرف.

Adornare componer a une mugger con joyas. Mund muliebri, et vestibus pretiosis mulirem  ornare     حلي يحلي. زوق يزوق الامرأة بالجواهر وبالثياب المفتخرة    

Adornarse        :   Ornari, decorariتزين يتزين. تزوق يتزوق  

Adornase de virtudes. Excoli, supervestiri virtubus تزين بالفضائل  

Adornadamente : Con adorno, Ornate, decore بالتزيين 

Adornado         :  Adornatus, ornatus, exornatus, a, um متزين. متزوق. مزيَّن 

Adornada         :  La mugger muy compuesta. Mulier ornate, expolita

مرأو محلية، مزينة، مزوقة.

Adorno            :  Ornatus, us, ornamentum, ti الزينة. التزوق. التزويق 

Adorno Mertricio.  Ornamentum meretrici تزوق النساء الزانيات    

Adornos de mugeres. Ornatus muliebris حلي النساء  

(T.1, P. 38).

Arte               :   Todo lo que se hace por industria y hablidad del hombre. Ars, tis صناعة. صنايع. صناعات. فن. فنون  

                      Arte liberale. Ars liberalis صناعة رياضية

                      Arte mecanica. Ars mechanica صناعة عملية  

                      Arte oratoria, rectorica. Ars oratoria rhetorica     علم الفصاحة     

                      Arte magica, Ars magica علم السحر      

(T. 1, P. 159).

Artifice              : El que escerita alguna de las artes. Artifex, opifex, cis, faber, ri صانع. صناع 

                       En las manos de los artifices seran alabadas las obras. In manu artificum opera laudabuntur  جيِّد الصناع يمدح الأعمال 

Artificial cosa     ; Ingenio factum : res arte elabora شي مصنوع بصنعة

Artificialmente    ;  con artificio.

Artificialiter, fabre, affabreبصنعة  

Artificio             ;    El arte o primor com que esta hecha alguna cosa. Artificium,

ii, ars, tis صنعة 

                         Artificio met. astucia. Fraus, dis, fallacia, oe, simulationis artificium حيلة. مكر  

                        Sin artificio bizo esto. Inartificia liter, vel sine arte facit hoc.

عَملَ هذا بلا صنعة.

                       Con arttificio o mana alcanzo la cosa. Astu rem aprehenden dit.

نال الشيء بحيلة.

(T.1, P. 160).

 

Artista           :   El que escerita algun arte. Artifex, opifex, cis صانع. صُناع 

                       Artista el que estudia el curso de artes. Liberalium qrtium soldalis professor   متعلم الفلسفة  

(T.1, P. 161).

 

Enjoyar        :   Adornar, engalamar con joyas alguna cosa. Gemmis ornare, instruere زين يزين بالجواهر   .

 (T 2, P.43).

 

Imagen         :   Figura, efigie, o pintura de algun santo, Imago. Inis, effigies aliujus scanti صورة صور 

                        Imagen de relieve. Signum sculptile صورة منحوتة 

                        El que hace, o pinta hmagenes.

                        Imaginum artifex, pictior  مصور مصورون

(T.2, P. 263).

 

pintura         :  pictura, oe تصوير  

                    Piuntura la figura, o imagen pintada en lienzo, tabla, etc. Picta effigies, vel imago, pictura, oe صورة. صور     

                   Pinturas las que se hacen en las manos y pies las mugeres en el asia para adorno. Pictur in minibus, et pedibus lingustrivis pulvisculis.

نقش اليدين.

(T.3, p. 99).

 

نبذات من

"القاموس الفرنسي– العربي"

وضعه :  الياس بقطر

زاد عليه وراجعه :  أ. كوسان دي برسفال

باريس، 1821.

 

Architecte          : S. m., qui possède et exerce l’art de bàtir معمار، بنّاء، مهندس 

Architecture        : S. f, art de bàtir les édifices علم البناء – العمارة  

(T 1, P.52).

Art                     : S. m, méthode pour faire un ouvrage selon certains règles, فن, plur., فنون, pl. pl., أفانين – صناعة, plur., صنايع  

                         Art adresse حُسن معرفة – صُنعة - صناعة

                         Ouvrage de l’art, opposé à l’ouvrage de la nature صنعة ضد خلقة.

(T 1, P. 58).

Artisan             : S. m, ouvrier dans un art mécanique, أهل حرفة – صانع - صنايعي

plur., Les artisans أهل الحرف – أصحاب الصنايع 

                        Artisan, l’auteur, la cause  أصل – سبب 

                        Artisan de trouble ضرّاب فتن 

(T 1, P. 58).

Beauté            : S. m, جمال – كياسة – ملاحة – حُسن – كويسية – بها وكمال

(T.1,  P. 90).

Décorateur       : S. m. مزخرف

Décoration       : S. f, ornement زخرفة – زينة 

(T.1,  p. 261).

Dessin            : S. m. تصوير – رسم

Dessinateur   : S. m. مصور – راسم

Dessiner       : V. a. صور – رسم

(T.1, P. 261).

Image          : S. f., représentation d’objets, ، صورةplur., صُوَر

                    Belle image, au fig., belle personne sans äme. . صنم image, idée, صورة

(T.1, P. 417).

Ornement     : S. m., ce qui orne, حلية – زينة  Ornement du discours زواق - زينة Ornement, décoration,,,. زخرفة

Orner          : V. a., parer, embellir, زان يزين orner son style,  زوق كلامه  Orner son appartement, زخرف البيت    

(T.2, P. 113).

Peintre        : S. m., artiste مصوراتي – مصور 

Peintre, au fig., celui qui représente vivement en parlant, en écrivant, وصّاف

Peinture       : S. f., art de peindre صناعة التصوير

(T.2, P. 143)

Sculpter       : V. a., tailler au ciseau le bois, le marbre, etc نقش – فخر

Sculpteur     : S. m., qui sculpte نقاش – فخار

(T.2, p. 308).