- نبدأ من فوزك مؤخرًا بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في فرع (اليوميات) عن كتابك" الخروج من العائلة" حدثنا عن استقبالك للفوز والكتاب؟
= أسعدني الفوز، خصوصًا في هذه الأيام التي يندر فيها الأخبار المفرحة. ويزيد من سعادتي أن الجائزة كافأت عملًا سرديًا من أعمالي. يضاف إلى ذلك اعتزازي بهذا الكتاب، إذ يتناول قسمًا من سيرتي الذاتية، فترة الطفولة والمراهقة، وهي فترة صعبة إذ تتمُّ فيها المواجهات الأولى والخيبات الأولى مع العالم، والغير، والذات. وهو كتاب لم أقدم على كتابته بسهولة، إذ إن لي في كتابة السيرة الذاتية ملاحظات وملاحظات، ولا سيما أنني لاحظت أن كتابًا عربًا كثيرين حوروا هذا النوع الأدبي عما كان عليه، عما يمكن أن يكون عليه. فكيف إذا كانوا لم يجددوا في أسلوب كتابته وقواعده!
- قابلتَ الخبر باستغراب حيث قلت "هذه المرة يمنحون لي جائزة في السرد... هذا جديد". لماذا؟
= هذا صحيح. إذ إنني لا أخفيك أن روايتي، "بدل عن ضائع"، بلغت التصفية النهائية مع رواية أخرى، في الدورة الأولى التي أقيمت لأفضل رواية لبنانية. كما أن رواية أخرى تعرضت لحملة شعواء من قبل محكمَين في جائزة معروفة للرواية العربية... وهو ما بلغني بالصدفة من محكم آخر في الجائزة هذه. لهذا لم أكن شديد الحماس لترشيح السيرة إلى جائزة، غير أن الناشر هو الذي أصر على ترشيحها، مع علمه وعلمي أن الكتاب يحاول تجديدًا في أسلوب السيرة الذاتية، وفي "اليوميات"، وهو ما لا يوافق أحكامًا نقدية عند بعضهم. ما انتهيتُ إليه، في هذه التجربة، هو أن الكتاب قد يقع وقد لا يقع على محكِّمين مناسبين لكتابه. لحسن حظي أتى رأي المحكمين مميزًا، وهذه شهادة فيهم، لا في كتابي.
- هل إمكانيتك المتنوعة في الشعر والنقد والرواية والترجمة، فتحت لك أفقاً في السرد وآليات النص الروائي؟
= بالطبع، وإن كان الأمر ليس بالجلاء الكافي، لغيري، ولي أحيانًا. ما أفادني، من دون شك، هو تكفلي بتدريس مقرر الرواية العربية، ومنها اليوميات والسيرة الذاتية بطبيعة الحال، فضلًا عن تدريس "السير الشعبية" العربية في مقرر جامعي آخر. هذا أتاح لي التعرف إلى قواعد هذا الفن وإلى تجلياته، هنا وهناك، ولا سيما في العالم العربي. هذا ما مكنني، من دون شك، من التحقق من المصاعب العربية المتعددة لبزوغ مثل هذا الفن السردي. وهي مصاعب اجتماعية، قبل أن تكون أدبية. مصاعب تتأتى من كون الأديب العربي يخشى البوح، بل يتحاشاه، مخافة إقلاق صورته العامة، أو التعرض لها. ففي السيرة الذاتية، للكاتب أن يكتب بلغة المتكلم، لا بضمير الغائب كما في "الأيام" لطه حسين. وله أن يجعل من شخصه، باسمه وبما هو معروف عنه، شخصية أساسية للعمل السردي، لا أن يبتكر شخصية : محسن، بدلًا عنه في سيرة توفيق الحكيم في "عصفور من الشرق... هذه المصاعب قد يقفز عليها أدباء، فنجدهم يرسمون مكانة مستلحقة لهم، ما يعني أنهم يوظفون السيرة لأغراض التكريس وغيرها.
- شربل داغر أستاذ في جامعة البلمند في لبنان، وخريج جامعة السوربون الجديدة، ويحمل شهادتي دكتوراه في الآداب العربية الحديثة وفي فلسفة الفن وتاريخه، ولك ما يزيد على 70 كتاباً باللغتين العربية والفرنسية، هل تعدد الأمكنة والثقافات كان له تأثير على كتابتك؟
= من دون شك. كتابتي مثل اشتغالاتي المهنية رافقت أو عاكست مجريات حياتي. فعندما أنهيتُ أطروحة الدكتوراه الأولى، لم أعنَ بالتعليم الجامعي، ما أثار دهشة البروفسور محمد أركون، عندما رفضتُ مقترحه في التدريس في جامعتي، باريس الثالثة... اخترتُ، حينها، البقاء في الصحافة، والإفادة مما تتيحه لي من سفر ولقاءات ومعارف، ما كان يلبي نهمي للتعرف إلى العالم وثقافاته وقضاياه. وهذا ما يصح في الدكتوراه الثانية، إذ باشرتها من دون سبب أكاديمي، إذ لا زلت حينها مبتعدًا عن الجامعة.
في هذه التقاطعات بين عملي وإقامتي بين لبنان وفرنسا وأسفاري العديدة وتعدد اهتماماتي، ما يفسر بعض هذه السيرة من دون شك. إلا أن الأكيد – في وعيي وخياراتي – هو أنني فضولي للغاية، ما يجتمع في الشغف. كما أنني، في الأدب كما في البحث، أطلب التجديد دومًا. فأنا لا يسعني كتابة بحث أو قصيدة أو رواية، من دون نظر متجدد للنوع والموضوع والمنهج.
- ماذا كتاب "شربل داغر.. قصيدتي معهم وبلسانى"، للدكتورة دورين نصر الذي يتضمن سلسلة حوارات أجريت معك ومن صاحب فكرة الكتاب ؟
= تعود فكرة الكتاب إلى الدكنورة دورين نصر، وهي تتابعني وتعنى بشعري. ومتابعتها لمقابلاتي نوع من المتابعة، في شغلها الشعري والدراسي، لما أكتبه في الشعر، أو في نقد الشعر. فقد لاحظتْ أنني أولي المقابلة عناية أكيدة. فهي ليست للترويج والتعريف، بل هي وجه آخر من التفكر النقدي بالقصيدة، بالرواية وغيرها. وهذا يعني أن المقابلة نوع جدير بالحفظ، والدرس إلى جانب مدونات النقد. يضاف، إلى ذلك، وكما كتبتْ في تقديم الكتاب، أنها لاحظت وقوفي المشكك من "الثورية" المعلنة لـ"الربيع العربي"... وهو ما اتخذتُه علنًا بعد أسابيع معدودة على انطلاقته. فقد وجدتْ أنني – على الرغم من نقدي الشديد للحكم العربي - لم أجد في "الربيع العربي" ثورة زاحفة، بل تسعيرًا للحرب الأهلية الكامنة. لهذا عملتْ على اختيار مقابلات خاصة بالشعر والقصيدة، من جهة، وابتداء من "الربيع العربي"، من جهة ثانية.
- فعل الكتابة الشعرية له مؤثراته الذاتية والخارجية، ترى ما الذي يدفعك للكتابة الشعرية؟
= الشعر، عندي، هوى، مثل الحب. قد يكون لنا في حياتنا، في هذا الجزء منها، هوى وقد لا يكون. هكذا هو الشعر عندي، نوع من الحب الذي يستبد بي، فلا يشغلني عنه أي أمر آخر في حياتي. هو استفاقة الصباح بحثًا عن الحبيبة، وهو مصاحبتها إلى فنجان القهوة الثاني، وافتتاحُ شهيةٍ فوق مائدة الرغبة في القصيدة.
هذا الهوى يستدعيني، فأطيعه. ويستنفرني، فأشحذ له أقوى ما في عزمي. ويدعونني إلى الرقص، فأتشارك معه في إيقاعات النفس والخطوة والضَّمَة.
لهذا فإن هناك ما يسبق القصيدة، فأجدها محتشدة به، ومكتنزة، وعامرة، بما حملتُه من دون أن أدري، ومما راق لي من دون أن أرتبه في دفتر ذكريات. لهذا تبقى القصيدة نَفَس الانفعال إذ أتفقد الكلمات، وتستبقيني في غمارها الدافئ.
- كيف ترى القصيدة العمودية في ظل الواقع الراهن الذي يتغنى بالحداثة؟
= أرى أنها قد انقضت منذ زمن، على الرغم من التماعات سعيد عقل ومحمد مهدي الجواهري الأخيرة فيها. ولا يفيد، بالتالي، العمل على بعث الحياة فيها، بالملايين من الدولارات والبرامج والسهرات والجوائز. هذا في الوقت الذي لا يتم فيه تخصيص جائزة كبرى واحدة للشعر.
هذا مؤسف للغاية، ليس في حق القصيدة فقط، وإنما في حقوق الثقافة العربية والذائقة العامة كذلك. يتحدثون عن الرواية، وعن انتشارها، وعن انصراف مزيد من الدارسين إليها، إلا أن هذه كلها – وغيرها أيضًا – لا تساوي عالي الجمالية الذي توفره القصيدة. الرواية تخبر، تفيد، تسلي، تمتع، تضعنا أمام "امتحانات" صعبة، مؤلمة، إلا أنها لا تبلغ جمالية القصيدة أبدًا.
- يري البعض أن خروج القصيدة العربية من أوزان الخليل جعلها تتأثر في الشعر الفرنسي الذي كتبه رامبو وبودلير وبريفير وغيرهم، وكان التأثير الفرنسي طاغيا على القصيدة العربية وبخاصة داخل لبنان أكثر من غيره وأقصد هنا تحديدًا قصيدة النثر. إذاً ما هي مقومات نجاح قصيدة النثر داخل الوطن العربي؟
= الشعر العربي، بمجموعه، خرج على عمود الشعر منذ بدايات التاسع عشر. وأوجد علاقات مختلفة معه، ومع ماضيه وأنواعه، وبلاغته، وغيرها. هذا يصح في الشعر العمودي وغيره من أنواع الشعر. ولعل كثرة الكلام والتشدد في الكلام حول "خيانة" الشعر، أو "أجنبيته" تزيد من إصرار شعراء وشعراء على التبرم من هذا الطنين الأجوف الذي يرى الشعر وزنًا وحسب، ويتعامل مع تنويع التجارب الشعرية مثل "خيانة" لأصل، بل لدينٍ عند بعضهم. فالقصيدة بالنثر ، وقبلها القصيدة المنثورة، جديدة في المشهد الشعري، مثلها مثل غيرها من الشعر المتحول. أكتفي بسؤال : هل كانت مسرحيات أحمد شوقي الشعرية موافقة للعمود وأنواعه؟ أيكفي الوزن وحده دالًا على "عربية" الشعر، وعلى "شعريته" الأكيدة؟! أنكون غرباء ومختلفين عما هو الشعر في العالم؟ أطرح سؤالًا مزيدًا : الداعون إلى الحفاظ على الوزن، أو على التفعيلة، هل جددوا فعلًا في موسيقى الشعر العربي، فيما نراهم يكتفون بتفعيلات من اربعة أوزان على الأكثر، وبرتابة إضافية؟
- هل تعتقد بعد أن مضت عقود من الزمن على كتابة قصيدة النثر في لبنان خاصة والوطن العربي عامة، أنها أثبتت وجودها وأصبحت بديلا عن القصيدة الكلاسيكية وقصيدة التفعيلة ؟
=طبعًا، بات للقصيدة بالنثر حضور أكيد، بدليل منشوراتها، والكتب عنها، والجدالات التي تثيرها – وحدها، في المناسبة – في نطاق القصيدة والشعر ونظريات الشعر. وهي قصيدة تمتلك تجليات مختلفة ومتعددة، ما يشير إلى ميادين ووجهات فيها.
- لم أر الشعراء سعداء في حياتهم وبخاصة الذين اخلصوا للشعر وعاشوا من أجل الإنسان، اليوم يذهب البعض من النقاد العرب ليقولوا إن وظيفة الشعر ليست كما السابق، اليوم هو فعل الرواية... الرواية التي تسيطر على الساحة الأدبية العربية بعد أن تصدرها الشعر لقرون طويلة من الزمن، كيف تنظر إلى الأعمال الروائية اليوم وهل تطمح بكتابتها، بعد أن انتقل الكثير من الشعراء لكتابة الرواية؟
= لا أعرف معنى هذا الكلام. هل في الإمكان مقارنة الرياضات أو الفنون البصرية بعضها ببعض؟ هل تبلغ أكثر رواية مباعة في العالم عدد المتفرجين على فيلم، أو المستمعين إلى أغنية؟ هل يبلغ عائدات رواية واحدة ما يبلغه مبيع لوحة لفنسنت فان كوخ؟
لا معنى للحديث عن "تقدم" الرواية سوى الحديث عن انتشارها، والذي يفوق انتشار الشعر. ربما هذا صحيح عند قلة قليلة من الروائيين، ولا يصح في جميع الروائيين. أما الحديث عن أنها باتت "ديوان العرب"، فهذا كلام مردود، هو الآخر، إذ إن الجريدة، والتلفزيون، ووسائل التواصل باتت أوسع حفظًا من الرواية وغيرها. أما من الناحية الجمالية فلا يمكن المقارنة بين القصيدة والرواية، حيث إن الأولى تستنفر وتحشد من المقومات الفنية والجمالية ما لا تجمعه الرواية أبدًا.
أنا فرح لانطلاقة الرواية في عالم الثقافة العربية... هذه الرواية التي كانت أشبه بالمحرَّمة تقريبًا قبل مئة عام. أنا فرح لتنوع تجاربها، والغنى المتجدد في سيرورتها، عدا أنها نوع أدبي وفني، أستسيغه وأمارسه، ويجلب لي مسرات خاصة غير مسرة القصيدة.
- ومتى تكون الهجرة إلى الرواية من الشعراء هجرة ملحة وليست بحثاً عن الأضواء والاهتمام؟
= الحديث عن "هجرة" الشعراء إلى الرواية ليس بالصحيح. فها هم شعراء كتبوا الرواية من دون أن يتخلوا عن الشعر أبدًا. كما أن "الأضواء" التي تتحدث عنها تصيب أحيانًا كتب الشعر أكثر من الروايات نفسها. "السوق فسيحة، وتتيح للجميع نصبَ بضاعته"، كما يقول المثل التجاري. ما يعكسه هذا الجدل، هو أننا أصحاب نظرة "واحدية"، لا تقر بوجود الأنواع وتعددها واختلافاتها، بل تريد نوعًا واحدًا لكي يتربع سيدًا على غيره. هذا ما عرفه الشعر في تاريخ العرب والعربية. وهذا ما يريده بعض الشعراء والنقاد إذ لا يقرون إلا بنوع بعينه من الشعر (التفعيلي)، وهو ما يطالب به فئة أخرى تجعل هذا الواحد ممكنًا في العامودي. وهذا ما يريدوننا ان ننساق إليه : الرواية "هزمت" الشعر، وباتت هي الأولى!
- هل تحن إلى تلك الأزمنة عندما كان الشعر فيها سيد الأنواع الأدبية، وكان الشاعر محاطاً بهالة من الأضواء؟
= لست حزينًا لحالي كشاعر، ولا أحن إلى أيام الشعراء القدامى، الذي تسولوا بشعرهم، وذاقوا السم والقتل بسبب تعبيرهم. يضاف إلى ذلك، أن من يتابع الشعر – على قلته في حساب كثيرين – يفوق مؤكدًا عدد من كان يتابع الشعراء في العهود البعيدة. الشعر، اليوم، على مصاعبه، يلقى متابعين وقراء له أكثر كثرة من الشعراء القدامى.
- هل تفكر بالقارئ أثناء كتابتك ؟ وأي نوع من القراء يشغلك؟
= لكل كتاب قارئ مختلف عن غيره. هذا ما يحدث لي عندما أقرر كتابة بحث، أو كتاب نقدي، في هذا الأمر أو ذاك : علي أن أراجع جدوى الموضوع، وجدته، ومقادير الابتكار الممكنة فيه... وهناك أسئلة أخرى، بالطبع، وهي تعني القارئ بطبيعة الحال. تعني الدارس والباحث والطالب والمثقف، أي أنني أفكر فيهم، في ما قد يشكل إضافة لهم، أو تصويبًا لما بلغهم من معارف. أما في الشعر، فالأمر مختلف. عندي على الأقل. لا أفكر في القارئ، ولا في. أفكر في القصيدة، في ما تتيحه لي فيها ومعها. وانا، في هذا، لا أفكر ، وإنما أمضي وفق معنى : "خيال" القديم، الصحراوي، حيث كان المترحل يتوهم في الغيم حدوث المطر. هذا الوهم، أو طلبُ التوهم، هو إمكان القصيدة. فالقصيدة – عندي – ذهابٌ أخرج منه بغير ما دخلتُ إليه. ذلك أن القصيدة لحظة، تجربة، بالمعنى الوجودي والتعبيري والإنساني، التام للكلمة. وبما أنها تجربة، فهذا يعني حكمًا أنها معنية بالإنسان، أو أن في إمكانه أن يتوجه إليها، أن يجد فيها ما يلاقي شيئًا في نفسه.
- هل الشاعر ناقد بالضرورة؟
= لا ، أبدًا، إلا بالقدر الذي له خيارات وتوجهات يلتقي فيها أو يبتعد بها عن غيره. هو ناقد ضمني، في أقل الأحوال. إلا أن، في بلادنا، الشاعر بوصفه أكاديميًا، بات يتشارك مع الناقد في الحكم. فكثير من كبار شعراء العربية... نقاد. فيما البلاغيون والنقاد القدامى لم يحسبوا غير المتنبي في عداد "الأدباء". لا أريد تحميل الشعراء مسؤولية هذا الواقع، زمنهم أنا، وإنما أشدد على أن الدارس الأكاديمي، أو الناقد عادة، لا يتكفل تمامًا، بمهام النقد.
- لم يلجأ الشاعر إلى ترجمة نصوص غيره؟ هل تعتقد أن الترجمة نوع من القناع؟
= يلجأ المترجم – في ما يخصني – إلى التعريف بشعراء يبغي إيصالهم إلى غيره. وهذا نوع من الشراكة، والزمالة، الحميدة، من دون شك. أما الحديث عن "القناع"، فلا يناسبني. حدث لي، في ترجمة قصائد، أنني رغبت في تملكها. وهذا ما وفرته لي الترجمة بمعنى من المعاني.
- هل أثرت الترجمات الشعرية السيئة على شيء من الوعي الأدبي العام.. عندما نريد القول أن بعض المناهج النقدية والأساليب المعتبرة أتت من خلال التلاقح مع الأدب الغربي؟
= من دون شك. يزيد على ذلك أن كثيرًا من الشعر والرواية لا يترجم من لغته مباشرة، بل من لغة ثالثة. وهذه مفسدة للثقافة، والأدب، ولا يستقيم فيها أي تبرير أو دفاع، لا من المترجم، ولا من الناشر.
- كيف تقضي يومك وسط هذه الأجواء والتدابير الحكومية الهادفة إلى حماية المجتمع من فيروس كورونا؟
= أكتب وأكتب وأكتب. وأشتاق إلى الحياة البسيطة مثل فقير في شتائه المدقع.
- جائحة كورونا غيّرت وجه العالم، فكيف تعاملت معها؟
= كنت أسخر، في ما مضى، من أفلام الخيال العملي التي كانت تروي "اجتياح" الفيروسات والأوبئة وغيرها العالم وإنسانه خصوصًا. ما كتبتْه الرواية يبدو أننا نعايشه اليوم، من دون أن ندرك بعد خلاص الإنسانية الأكيد منه.
- وما هو وقعُ هذا الوباء على الفكر البشري؟
= يصعب، اليوم، توقع ما سيؤول إليه الفكر بعد جائحة كورونا، إذ إننا لم نتخلص منها بعد. وليس في مقدورنا توقع مفاعيلها المختلفة على الإنسان وفكره. هل سيصبح الإنسان اكثر وعيًا بهشاشته، والفكرُ باهتزاز مقومات بنائه؟ الأكيد هو أن الإنسانية تعيش لحظة واحدة، وخطرًا واحدًا، لن يتم القضاء عليه بالعقاقير وحدها، بل بوحدة الشرط الإنساني المتفاعل والمتضامن بعضه مع بعض. هل سننجح في ذلك؟
- هل ما زال الوقت مبكرا لتناول موضوع كورونا أدبيًّا؟
= هذا متروك للأدباء. وأعتقد – ابتداء من حالتي – أن كثيرين من الأدباء تناولوا هذه الجائحة في أكثر من نوع أدبي. وهو ما يصيب، وسيصيب من دون شك الفنون البصرية.
- هل ستعتقد أنه سيكون هناك أدب اسمه أدب كورونا؟
= هذا ما أتوقع حدوثه، مثل وجود "أنواع" معروفة اليوم في السينما عن الحرب العالمية الثانية وغيرها.
- هل دفعتْك أزمة كورونا إلى الكتابة حولها؟
= أجل. كتبت مجموعة شعرية بكاملها ستبصر النور في الشهر القادم.
(مجلة "الدوحة"، الدوحة، فبراير-شباط، 2021).